هناك كلمات لها معاني
يمكنك ان تتعرف اليها في الكتب او من خلال التليفزيون او الانترنت واخري راقصه
يمكن ان يكون لها اكثر من معني:
اللجنه (سواء كانت لتقصي الحقائق او
وضع دستور او تنظيم انتخابات): هي مجموعه من الاشخاص غير الصالحين للعمل الذي اختيروا
من اجله بحيث يعينهم-او ينتخبهم-اناس غير راغبين في ظهور نتائج لتكون بذلك مهمتهم
الاساسيه هي الكشف عما يعلمه الناس مسبقا (وقد يبلغ الامر ذروته حين
"ينتخب" شخص نفسه مثلا عضوا في لجنه او ان يحرم الناس من الطعن في قراراته:
او ان يختار شخصيات بعينها له معها صلات شخصيه- او مصالح-معينه ويستبعد اخرين بينما
هو بصدد هدف عام يخص بلد باكمله)
الايدولوجيا الرجعيه: فكره مستنفذة الصلاحيه قامت برحله في عقول الناس عبر الزمان علي امل
ان تظل معروضه اطول فتره ممكنه اشبه بتحفه (الي جوار اصحابها من التحف؟ ارباب
المعاشات؟)
الفتره الانتخابيه: فتره زمنيه يتعرف خلالها الناس الي الاشخاص الذين يجب ان يبتعدوا عنهم
في المره القادمه
النظره الحياديه: رأي يتخذه شخص لا يؤمن بأنه مشترك في المشكله بصوره مباشره ومن ثم لا
يعتقد انها مهمه بالنسبة اليه (والحياد ليس بالضبط الموضوعيه فالموضوعيه هي قدر ما
يعثر عليه الانسان من الحقيقه فيما لايزال قادرا-في نفس الوقت- علي "الانتماء"
اليها)
الطرف الثالث: مجرم يرتكب جرائم منظمه ومسلسله ورغم ذلك فان قضيته مغلقه في الوقت
الحاضر بسبب ما يبدو وكأن فاعلها الاصلي مجهول (او في منصب سيادي؟)
معركة الدستور: ان يرسل الزوج لزوجته الغاضبه رساله مفادها: ارجوكي عودي الي المنزل
وسوف اطلق الاخريات ولكن اعلمي ان "الشرع" يسمح لي باربعه!
اقتصاد العسكر: كلمتان ينبغي الحكم بالفصل بينهما علي اساس عدم الاختصاص
انتخاب الرئيس: هو ان تعهد
بعمل الي اكثر من تعرف من الرجال-والرجال بالتحديد-انشغالا (وجمعا للمناصب؟) واقلهم
حركه واكبرهم سنا واطلقهم لسانا (ولحيه؟) وافصرهم قامه واغلظهم كيما يكلف-في
النهايه-سكرتيرته بهذا العمل (وانا من جانبي احاول ان احصر الاحتمالات لما يمكن ان
افعله لو انني وقعت ضحية رئيس من اولئك الذين يهوون القاء الاوامر من عل او الصراخ
في وجوه الناس بقرف علي طريقة المخدوم وخادمه والتي كانت متداوله-احم- مع نهاية
القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين- فاحسد البعض كثيرا علي "صبرهم")
حرية التعبير: هي حرية الكلام الذي يستحق الاصغاء
تقسيم مصر: عندما يصبح عليك ان تختار بين رجعيه الفاشيه الناصريه المتشحه بعباءة
الوطنيه وبين رجعيه الجاهليه الانتهازيه المتشحه بعباءة الدين فتختار الانتقال الي
بورسعيد
الاقتصاد السياسي: عندما يقول لك مرشح انه لا يهمه المال مطلقا بل المبدأ وان الصالح
العام-وكرامة البلاد والعباد- اهم من المصالح الخاصه في الوقت الذي تكتشف فيه ان المسافه
بينه وبينك تتسع بمجرد حصوله علي التوكيل (بعد ان دس احد اعضاء حملته في يدك الثمن؟)
الخبره: عندما يقضي احد المرشحين الكهول (من اباطرة الفلول واحد اعضاء عصابة
الاشقياء الثلاثه) وقته واصفا ما اكتسبه من "تراكم خبرات" (بصرف النظر
عن طبيعتها وما رافقها من "عمولات" وقتل ثوار وخلافه) مختتما بقوله:
البلد بحاجه الي قائد طيار (متجاهلا ان الثوره قامت اساسا ضد رئيسه الطيار ومازالت
تبحث -الي اليوم- عن الطياره)
العلمانيه: هو "الاتهام" الذي يجعلك تنتفض غاضبا من رأي لو انك فكرت
فيه مليا لشعرت بالرضا عنه وعن نفسك! (وفي بعض المجتمعات يحتدم الخلاف الي حد تصبح
فيه العلمانيه مرادفا لاقليه "ضاله": اي كل ما يخالف رأي الاغلبيه
"المهتديه" وتفسيرها لجوانب الحياه (بما في ذلك العلم والدين): وبذلك قد
تتحول العلمانيه الي اضمن وسيله لكسب استفتاء او انتخابات او وضع دستور -بلا
"شوشره"- وفي اسرع وقت: ورأيي ان معضلة العلمانيه الحقيقيه في الشرق
الاوسط هي في بعض العلمانيين الذين ينكرون علمانيتهم بل ويتبرأون منها فيما يشبه الاستخفاء
(التقيه؟) باعتقاد ما زائف لديهم (دعمه نفس فريق الاغلبيه "المهتديه"
والذي يتصادف–وبصوره شبه دائمه- انه الفريق الاكثر استفاده منهم) انه لا جدوي من
تصحيح ما هو مغلوط من المفاهيم: في الوقت الذي لا يهدأ فيه اصحاب مقولات التطبيق
التدريجي "لشرع الله" (الي ان يبلغ "الاسلام" مبلغ كماله-حسب
زعمهم- ويحل الايمان محل الكفر!) فلا يكفون عن كل ما يستطيعون فعله من اجل استبدال
نمط حياتنا خصوصا علي مستوي الشكل وليس الجوهر المفيد! ورأيي انه لا سبيل الي دوله
مدنيه حقيقيه (علي ارض الواقع) الا من خلال علمانيه مصريه قويه قادره علي الدفاع
عن مبادئها: واكثر من ذلك تدرك خطورة اللحظه التاريخيه: ولكن وحتي يتحقق لها ذلك
لابد-في رأيي- من ان تتوحد وان تكسب معركتها مع نفسها اولا فتدرك ماذا تريد: لتنتقل–بشجاعه-من
عصر التعميه والاستخفاء الي عصر المواجهه والمجاهره والاعتراك بالحجه والفكر والبرهان:
غير ذلك هو مضيعه للوقت ويتيح لمفاهيم الجانب الاخر فرصه اوسع للانتشار بين
البسطاء (واحيانا غير البسطاء) بما يبعد العقول-والقلوب-عن المعاني الرصينه (والعصريه)
للمفاهيم (بما في ذلك مفهومي العلم والايمان) مبسطين ما هو معقد ومخصصين لانفسهم كل
ما هو شامل وعام (والا ما فائده ان نمنع شعار مثل "الاسلام هو الحل"
بدعوي مخالفته لقانون الحملات الانتخابيه ثم نسمح لاصحاب هذا الشعار ان يطلقوا علي
انفسهم "اسلاميون" او "ذوو مرجعيه اسلاميه" او اتباع ما يسمي
"الاسلام السياسي" الخ؟) وهناك ضروره اخري في هذا السياق (هي دافع في
نفس الوقت) هو مستقبل مصر وعلاقتها بركب الحضاره: فمعركة العلم حسمت بالفعل عالميا
ومنذ قرن تقريبا من الزمان بحيث اصبح الجهل والانتهازيه والوصوليه باسم الدين اشياء
من الماضي او في طريقها الي زوال)
حكم الاغلبيه: عندما يتحول استفتاء علي مواد من دستور سقط الي استفتاء علي من هو
اكثر الناس تدينا الي "اعلان دستوري" (غير شرعي) الي انتخابات برلمانيه ملونه
بالدعايه الدينيه والتمويل السري الي خلاف حول ماده او مادتين من "الاعلان
الدستوري" (غير الشرعي) يتراجع الي خلاف حول تفسير هذه الماده او تلك من "الاعلان
الدستوري" (غير الشرعي) الي ان ينتقل الجدل حول جدوي الفتره الانتقاليه
-والديموقراطيه- نفسها! (وانا-بالاصاله عن نفسي- ارفض رفضا باتا وضع هذه الماده (او
ما يسمي بالماده الثانيه) في دستور بلادي الجديد-باي صيغه- بالضبط كما ارفض ان
يتحول الدين او الهويه الوطنيه الي شبح يطارد كل من يقترب منه (وهو في هذه الحاله جيل
باكمله) واري ان مصر صاحبة حضارة الخمسة الاف عام (علي الاقل) ليست بحاجه الي مادة
دستوريه تخبر الناس فيها عن هويتها! فمصر هي مصر عبر الزمان وبكل ما اكتسبته من
خبرات فكريه وسياسيه وعقائديه وثقافيه متنوعه: مصر هي بلد العلم والفن والايمان: وادعو
اصحاب نظرية الدستور اولا الي التمهل قليلا والاهتمام اكثر بالاولويات –والمشكلات-
الحقيقيه التي تخص واقعنا المعاش ثم مد البصر الي دول اخري تعاني نفس ما نعانيه من
انقسام ما بين فريق علماني تقدمي واخر رجعي متشح بعباءة الدين: ليكتشفوا انه ليس
من السهل ابدا وضع دستور لدوله مازالت تعيش "ملحق سنه اولي ديموقراطيه" -حسب
تعبير مصطفي امين- او بشكل ادق: "ملحق سنه اولي دوله" فهناك دول ظلت–ولعقود
من ممارستها الديموقراطيه-ولنفس الاسباب- بلا دستور: بحيث صارت تعتمد بصوره اساسيه
علي ما تمكنت من الاتفاق عليه من مبادئ عامه–ولو قليله- لما يمكن ان يكون عليه
الهيكل الاساسي للدوله الي جانب –طبعا- باقة القوانين التي تحمي الحقوق والحريات (والنظام
البرلماني هو الانسب في هذه الحاله فهو يتيح لمحترفي السياسه -ممن يبحثون عن فرصه لاظهار
قدرات ومواهب فكريه وسياسيه اكثر نضجا- تعدديه فكريه اوسع وانتقال حر للسلطه اسرع
وايسر): فلا يجب ان ننسي ان الغرض الاساسي من الدستور هو "الاتفاق" بين
طوائف وفئات الشعب كافه وبنفس الدرجه: وهو عكس الجبر او فرض رأي اغلبيه علي اقليه قد
تصبح –وسوف تصبح حتما-كما اري-اغلبيه- لاحقا- طالما ظل الاتجاه هو ان نمضي مع حركة
الزمان الي نهايتها بلا منازعات راديكاليه: واظن ان هذا هو الهدف الاسمي الذي يحرك
الرجعيه الجاهليه (اصحاب نظريات الامه والبيعه والولايه والسمع والطاعه والاستتابه
الخ) -ومنذ اللحظه الاولي-لحظة الاستفتاء المزعوم- وضع دستور هو دستور "مجلس
شوري الجماعه" وتوجيه قوانين يضمن لهم ترسيخ حكم الاغلبيه الذي لا يؤمنون
بغيره وبالتالي بقاء العلمانيين التقدميين-دوما- في جانب الاقليه الضاله: وهذه هي
المعركه الرئيسيه–في رأيي-وليست الرئاسه وليست سحب الثقه من الحكومه كما يحاولون
ايهامنا)
السيرك السياسي: عندما يصبح عليك ان تنقذ الدوله المدنيه من بين براثن "الكهنه"
فتذهب الي العسكر! (واظن ان العسكر هم اكثر الناس سعاده بهؤلاء الزائرين بعد ان
تحولت انظار الناس عنهم-ولو مؤقتا- لنعود-تارة اخري-الي الدستور: لابد وانهم يشعرون
اليوم-ويتساوي معهم الرئيس المخلوع- بذلك الاحساس المثير الذي هو مزيج ما بين سخريه
مكتومه وعرفان مطلق بالجميل: بل وقد تنتابهم رغبه محمومه–لم يكونوا ابدا قادرين
علي قمعها طوال العام الماضي–لادعاء بطوله جديده ليست لهم: ولمن يظنون ان العسكر سيتحولون
بين يوم وليله الي حماة حمي الدوله المدنيه (كما حموا الثوره؟): اقول: ان الاصابه
بجرح-او هزيمه- في معركه يمكن ان يكون امرا مؤلما حقا وقد يتسبب في عاهه اما ان
يسقط الانسان في مثل هذا القدر من السذاجه فهو مالا يغتفر ابدا! فالعسكر هم اصحاب
"الاعلان الدستوري" وهم من استعانوا باعداء الدوله المدنيه الرجعيين من ترزية
القوانين لتطريزه: واهم من ذلك هم الاكثر حرصا علي "خروج امن" قد يجد
قبولا–ربما- لدي "الاغلبيه الجديده" (هذا طبعا ان لم يتمكن احد الفلول-لسبب
او لاخر-من الفوز بالرئاسه): وبنظره استراتيجيه تاريخيه اظن انه لا يجب علي الثوار
والسياسيين المستقلين (والحزبيين المؤيدين للثوره) ان ينسوا ان الثوره قامت اساسا لاستدراك
ما ارتدت عنه "ثوره" او "حركه" يوليو 1952 من اهداف (بعد ان
استبدلت الملكيه والاقطاع بنظام شمولي عسكري جمع-دوما-ومنذ اليوم الاول-بين السلطه
والمال ايا كانت درجة ايمانهم بالاشتراكيه مخالفين بذلك جم ما وعدوا به الشعب من
حكم جمهوري ديموقراطي تعددي): وهم جميعا في ذلك- وان اختلفوا مع الرئيس المخلوع-ورثة
مدرسة واحده هي مدرسة الشد والارخاء والعصا والجزره واستخدام السياسه الخارجيه والاقتصاد
والامن والوطنيه والدين (واليمين واليسار) لصالح "استجهال" "الاغلبيه
الصامته" من "الرعيه" قليلة الحيله والسيطره عليها: وليس غريبا
فهذه "اللعبه"-وحدها-ضمنت لهم استمرار فسادهم واستبدادهم 60 عاما كامله:
كانت اشبه-في رأي- بفجوه زمنيه استقطعت من
تاريخ البلاد: والان تقولون لهم ببساطه اعيدوا لنا السلطه (المخروبه) لنصلحها ونعاقب
المجرمين ونرسي مبادئ دوله مدنيه (لا دينيه ولا عسكريه) ديموقراطيه تؤمن بقيم المساواه
والعداله الاجتماعيه بحيث يتفرغ الناس للكفاح من اجل مجتمع اكثر علما ووفره؟ وان
يكون لديهم اراده حره حيه ليدركوا دوما ان البلد بلدهم وان روح الله تكمن في
قلوبهم وعقولهم بحيث يمكنهم اقتناصها بلا حدود ودون وصايه من احد وبمجرد ان يطلبوا
ذلك؟ الا يكونوا قانعين بفقرهم وجهلهم ومرضهم وانما يجب عليهم ان يناضلوا ليصبحوا متعلمين
واصحاء متفائلين ومربين افاضل بل وربانيين وعباقره ان امكن؟ ان ذلك اشبه بمقولة: لن
نخبر الشعب انكم كنتم -كطبقه حاكمه- تتعمدون ان تهبطوا بمستوي شعبكم كلما ارتفع
ليكون دائما تحت السيطره: او انكم كنتم قتله ولصوص وقوادين: بشرط ان تسلموا انفسكم
من اجل قصاص عادل (ودون ان يجدوا من يجبرهم علي ذلك) وليغفر الله لكم! ان لسان
حالهم بلا شك هو: " وهل تظنون اننا سنسمح بذلك؟ فلتذهب تلك الديموقراطيه الفضيحه
الي الجحيم! الافضل للثوار ان يصبحوا شهداء اما اذا ما اصروا علي ان يظلوا احياء
فلا مفر من ان نسلط عليهم البلطجيه في الميدان او احد النواب في البرلمان ممن
ينادون بالعوده الي عقوبات مثل الرجم او تقطيع الاطراف او الاعدام علي الخازوق او الصلب)
القضاء الثوري (وهو-ايضا-"القضاء المستقل"): عندما يصدر حكما ببراءه شركاء المجرم
(رافقه سيل من احكام البراءه للضباط الادني رتبه) بل وعندما يصدر حكما ببراءه الرئيس
المخلوع نفسه-وشركائه-في قضايا الفساد (ما يثير التساؤل تلقائيا اذا كان الكل برئ
وكل شئ علي ما يرام فكيف سنقيم عداله انتقاليه نستعيد من خلالها الثروات المنهوبه
(بالداخل والخارج) ونقتص للشهداء والمصابين في ظل احكام البراءه المتتاليه وبدون
محاكمات استثنائيه لفلول النظام الساقط: وعلي رأسهم طبعا اعضاء هذا المجلس العسكري
المتورط الي اذنيه–ومازال- في ضروب الفساد والاستبداد والتامر والتفريط؟): في
الوقت الذي يبدأ فيه البعض بالترويج لدعاوي مثل "احترام احكام القضاء" او
"حكم تاريخي غير مسبوق" او "تعطيل (العرس) الديموقراطي" الخ من
تلك التي تمهد الطريق الي قبول ما هو واقع بأي ثمن كما لو كنا بصدد مساومه من نوع
ما (خروج امن؟) او تجربة تنويم حيث تتركز الاستعدادات حول كل ما يمكن ان يقال–او
يفعل-من اجل ان تمضي التجربه المقرره وفقا للخطه وباسرع وقت: الي حد انه قد ينتابك
احساس بانك علي وشك ان تسمع من يقول لك تعليقا علي الاحكام الاخيره (ربما دون ان
تراه): "مسكين يكفي انه اصبح الان عاجزا عن الترشح للرئاسه"! اما
التنويم -وكما هو معروف- فهو مساحه زمنيه يقل فيها توقد خلايا المخ الي ادني حد
ويتوقف العقل عن العمل كيما يدلف المنوم عبر بوابات "لا وعي" النائم
ويسيطر عليه: واما احترام القانون واحكام القضاء -وهو شئ ملح طبعا وضروري- فيحكمه-خصوصا
في حالات الثوره-شروطا اهمها العدل واستقلال القضاء واصلاح-ودمقرطة- القانون والجهاز
الاداري للدوله ليعكس مبادئ واهداف الثوره: وهي اشياء لا مفر منها في الوقت الذي لا
توحي من خلاله تجارب الماضي -سواء قبل او بعد الثوره- ان شئ يتغير من تلقاء نفسه
بلا ضغط: ورأيي ان عملية اصلاح القانون والجهاز الاداري للدوله هي عمليه متلازمه ولا
تقل اهميه عن الخروج بدستور جديد: فالقانون–وكما في الديموقراطيات الحديثه-هو
المنظم الحقيقي لكافة قطاعات المجتمع وهو الذي يتناول دقائق تركيب النظام السياسي
والاجتماعي والاقتصادي وبروتوكولات تشغيله ويوزع الادوار والميزانيات بما في ذلك
ادوار الرئيس والبرلمان والقضاء وسائر المؤسسات مع ضمان استقلال كل منهم (وهو
استقلال لا يخلو من تعاون) بما يحافظ علي نسيج الدوله متماسكا ومتناسقا وفعالا: وعند
حدوث ثوره او تغيير -وهو سنة التاريخ- فالارجح هو البدء فورا باصلاح القانون حتي
تتناسب احكامه مع الحاله الجديده: حالة التغيير: والاعراض عن ذلك معناه ان ارادة
التغيير لم تكتمل او لم تترجم الي واقع بالقدر الكافي: الا انه في حالة ثورتنا فقد
ظل القضاء للاسف الشديد –وكما هو الحال بالنسبه للجهاز الاداري -طوال الفتره
الماضيه-وفي كل مراحل الصراع-علي رأس الفريق الذي لم يستوعب ولم يتعظ ولم يفهم ولم
يسع لتضحيه اي كان حجمها بل كان علي العكس من ذلك منفصل تمام الانفصال عن الشعب
والثوره (كما لو كان يعيش في بلد اخر) في خضم انسياقه الاعمي-فيما يبدو- للحفاظ
علي مصالحه الفئويه حيه فائره ولو علي حساب المصلحه العامه: وهكذا لم يكن من قبيل
المصادفات ابدا ان يتورط القضاء–ايضا- في المخطط الرسمي لاجهاض الثوره ومن اليوم
الاول والذي قاده المجلس العسكري تحت لافته استقرار ومنع اسقاط الدوله (وقد انكشف
ذلك في مناسبتين هامتين: اولاهما قضية التمويل الاجنبي والثانيه قضية الرئيس
المخلوع وعزوف القضاء عن عزل مرشح فلول النظام الساقط سياسيا او تحريك القضايا
الجنائيه المرفوعه ضده): وانا لا اعلم ما هو نوع الادله التي كان قاضي الرئيس
المخلوع يبحث عنها؟ ارقام مركبات الامن مثلا التي سحقت الشهداء؟ صور القناصه؟ صور
الجنود والضباط المشاه الي جوار الجثث او وهم يدوسون باقدامهم فوقها؟ صور الرئيس المخلوع
ووزير داخليته ووزير دفاعه ونائبه ورئيس وزرائه (المرشح حاليا) في مقر قياده
عمليات القوات المسلحه مع توالي ارسال الطائرات العسكريه الي الميدان؟ ارقام
حسابات البنوك السريه؟ الا يكفي القاضي مثلا قيام ثوره؟ اصدق واطهر ثوره او الثوره
التي طالما انتظرناها لوضع نهايه للظلم والفساد والاستبداد (وليس الاستبداد فحسب)؟
باعتراف القاضي نفسه في مقدمته البليغه وباعتراف العالم اجمع (بما في ذلك الدول
التي تطوعت بتجميد الثروات)؟ ان اثنين من الشهود-حتي في حالة اختفاء-او عدم العثور
علي- الادله- يكفيان لاثبات الجرم في القضايا الجنائيه فما بالك بالملايين؟ ومع
ذلك تعترف النيابه العامه –نيابة الثوره- ان اجهزة البحث الجنائي لم تتعاون معها بالقدر
الكافي للعثور علي ادله (وهو اعتراف غريب للغايه ويدين صاحبه) ومع ذلك يمر الموضوع
مرور الكرام: لعل تعليق البرادعي هو الابلغ في هذا الصدد: النظام يحاكم نفسه!
المرونه السياسيه: عندما يقرأ
"الزبون" النهم كل سطر من قائمة الطعام بعنايه ثم عندما يفرغ اذا به
يعيدها الي النادل قائلا في شغف: ليس لدي اعتراض علي اي شئ فيها! والسؤال: هل
"المرونه السياسيه" تنطبق ايضا علي الوعود الانتخابيه ؟ وقبل ان يستهين
احد بالجانب الاخلاقي اقول ان المنطق والخلق القويم هما مبعث كل سياسه اصيله وقانون
عادل وبذلك فالمنصب او الانتخابات ليسا هدفا ابدا في حد ذاتهما وانما مجرد وسائل لخدمة
الشعب وانجاح الثوره: وتنتابني احيانا دهشه شديده حين يعقد البعض المقارنات
العشوائيه العجيبه بين الظروف السياسيه في مصر حاليا-ايا كان الوصف المناسب لها-
ومثيلتها في ديموقراطيات اخري عريقه: متجاهلين اننا نمر بظروف ثوره وثوره مضاده–اشبه
بحرب اهليه سيكلوجيه-من جانب نظام مجرم جاهل فاسد اخرق بدائي الذهنيه مكون من
مجموعه من المسنين المتمرسين علي صنوف الغدر والخسه والحماقه والكبر والخداع
والمماطله: بحيث تأخرنا كثيرا -كما ازعم- من لحظة الانتقال الحقيقي الي
الديموقراطيه: واحب ان اوضح ان اي محاوله لاطالة عمر الفتره الانتقاليه بلا طائل
ستتحول تدريجيا الي عبئ علي الدوله والثوره والمواطن العادي وقد تصبح بذلك كل دوره
رئاسيه -او برلمانيه- امتدادا لحقبه جديده من الصراع علي السلطه وسنظل دوما في
دائرة تسليم وتسلم السلطه
نزاهة الانتخابات: عندما لا تستطيع ان تثبت احد الامرين: نزاهه او عدم نزاهه فتختار ما هو
ايسر او اقل ضررا او اقرب الي مصالحك الشخصيه (علي الرغم من التجاوزات والمخالفات الصارخه
والقيود التي وضعتها اللجنه "العليا"-ومن عينها- علي المراقبين): وموضوع
نزاهة الانتخابات برمته -وبالياته الحاليه- وبدون ضمانات او رقابه حقيقيه لصيقه وافيه
لكل مرحله من مراحلها- هي بالضبط كتسليم لص مفتاح المتجر بل وتعيينه حارسا امينا نظير
اجر لمجرد انه اعتاد سرقة المتجر يوميا ولسنوات طويله فصار ادري الناس به! وهو يذكرني
ايضا بتلك النكته (القديمه) عن بحارين توقفت بهما السفينه في احد موانئ الهند
فقررا الذهاب في جوله سياحيه انتهت بهما الي احد معابد المدينه ولما كانا لا
يعرفان شيئا عن اللغات-او الديانات- الهندوسيه فقد اتفقا–كيلا يتهمهما احد بالجهل-
ان يفعلا مثلما يفعل الرجل الجالس امامهما: وبعد قليل نطق الكاهن ببضع كلمات فنهض
الرجل الجالس امامهما وهكذا اسرعا ايضا بالنهوض وهنا انفجر الحضور ضاحكين في الوقت
الذي التفت فيه الرجل اليهما وقد بدت علي وجهه ايات غضب مختلط بذهول غير ان الكاهن
–الذي انتبه فيما يبدو الي انهما اغراب- سرعان ما اتجه اليهما وخلصهما من الرجل واصطحبهما
بعيدا وهناك سألاه-وكان يعرف الانجليزيه-عن سر الضحكات وسر غضب الرجل فقال: لقد
كنت اهنئ امرأه بمولد رضيعها وعندما طلبت التعرف الي الزوج فاذا بثلاثة اشخاص
يقفون في نفس الوقت! وهكذا قد لا يدهشك كثيرا-وسط هذا الجو المشحون- ان تجد ان
جميع الخيارات قد انحصرت-مره اخري–ولسبب غير مفهوم- في طرفي الرجعيه (المتهادنين غالبا)
واللذين وقع عليهما الرهان -في اطار سعارهما المحموم-غير المفهوم-علي السلطه
والمال والنفوذ-من اجل اجنده واحده تقريبا ازعم انها ليست في صالح الثوره
والديموقراطيه والدوله المدنيه وانما لصالح مصالح فئويه: وازعم انك وكلما مضي
الوقت تستطيع ان تكتشف المزيد من اوجه التشابه بينهما: منها مثلا ان كل منهما لا
يملك ارادة مواجهه الاخطاء والعمل علي اصلاحها ناهيك عن انكار الذات والجرأه
الثوريه والتسامي علي القوالب الجامده والايدولوجيات العتيقه المتقادمه بعد ان
حرمهما الخالق من نعمتي الصدق والتواضع: وان كل منهما يتقدم الي الانتخابات بمرشح بديل
بعد استبعاد اخر اصلي (او لعل البديل هو الاصلي!): ونظرية المرشح البديل (او المرشح
الغلطه) في حد ذاتها تثبت علي الاقل ان شخصا ما قد توقف -فتره كافيه- او اجبر-علي
التدله في نرجسيته لكي ينوب عنه في ذلك شخص اخر! وعلي اية حال تعكس تلك المواجهه الانتخابيه
العجيبه-وبصدق يثير الكثير من الالم- في حال استمرارها بشكلها الحالي طبعا- حالة التيه
التي مرت بها البلاد منذ قيام الثوره (والتي تمثلت في فوضي المفاهيم والابتعاد عن
الاهداف والاولويات وصراع علي السلطه تسبب في انحراف مشين مس المبادئ وصرف الناس
عن صميم الوطنيه الصرفه) والتي لا شك تغضبك لو انها حدثت لعدو لك لضحكت الي حد
الجنون: فالناخب البسيط الذي ابت عليه مبادئه بيع صوته في رحلة البحث عن مرشح
حقيقي يتوافق مع رؤيته السياسيه والاقتصاديه (بلا جدوي) او يحصنه من الانسياق وراء
دعاوي موازين القوي الزائفه والتلويح المبطن بالعصا والجزره (او الفوضي) او وراء الفتاوي
التي تبشر بدخول الجنه وتنذر بدخول النار (في حال المقاطعه): اصبح يميل اليوم وبكل
المقاييس الي دخول النار (المقاطعه): وبنظره سريعه نجد ان مرشح الدوله الدينيه (وهو
لم يجر عملية جراحيه في انفه بعد لحسن الحظ وان كان لايزال يحتفظ برمز
"الميزان" وهو رمز في محله في رأيي بالنظر الي نشاط فرقته الملحوظ –والمتنامي-في
مجال تجارة الخضروات والفاكهه) يتحدث عن "مشروع نهضه" (يحتاج في واقع
الامر الي عقود طويله لتنفيذه): ودون ان يكشف لنا عن دور العلم والحريه والفن وحقوق
الانسان والعداله الاجتماعيه والدوله المدنيه في هذا المشروع: وبشكل عام يصاب
المرء بكثير من الريبه عندما يستمع الي مشروعات بدون سقف زمني او تتجاوز الفتره
الزمنيه المحدده للمنصب (والمفاجأه هي ان مجرد الاتفاق علي دستور جديد واصلاح
القانون من شأنه-تلقائيا- اقامة انتخابات رئاسيه-وبرلمانيه- جديده خلال عام علي
الاكثر): بينما-علي الجانب الاخر-نري مرشح العسكر (المعزول سياسيا) يعد بمشروع اخر
يدعو الي دوله "مدنيه" ودون ان يخبرنا عن مصير الامتيازات (السياسيه والاقتصاديه)
التي اكتسبتها المؤسسه العسكريه لعقود في الدوله الجديده (وهي امتيازات لا تستقيم طبعا
ولا مكان لها في الديموقراطيات الحديثه والدليل ان تركيا نفسها تعمل اليوم بكل جد لتتخلص
من ارث تلك الامتيازات وتقلصها الي ادني حد في اطار تطويرها لديموقراطيتها وجيشها
ومن اجل سلطه تنفيذيه انفع واخف) اما ما
يثير الضحك حقا فهو اصراره علي ادعاء انه قادر علي تحقيق مصالحه وطنيه (وكأن شخصا
اخر هو الذي يتعين عليه مواجهة واقع الغضب من وجوده الشاذ المنبوذ في السباق والذي
وصل الي حد تمزيق صوره واحراق مقراته الانتخابيه والقاء -احم- الاحذيه في كل مره يعقد
فيها مؤتمرا جماهيريا تقريبا: والمنطق يقول ان من يريد التحدث الي
"الجميع" لابد وان يكون له رصيد علي الاقل من القبول الشعبي بالقدر الذي
يجعله قادر علي ذلك: ومن يتحدث عن الافعال والخبرات والحساب لابد وان تكون افعاله
وخبراته-بل واقواله-مفهومه ومستقيمه وغير ذات صله بجرائم (وان المرء ليعجب كيف
يتقدم الي المنصب وهو ملاحق بقضايا جنائيه تطارده في كل مكان وكيف يتقدم الي
المنصب وقد كان له دور بارز وموثق في فاعليات الثوره المضاده (الطرف الثالث؟) بما
يجعله منطقيا امتدادا لهذا الدور وحجر عثره في طريق اي تغيير): وعلي اية حال فان
اسلوب "التناحه" الناعمه الملتويه او "المسكنه" والطلعه
السمجه (ايا كان حجمها) وبمثل هذه الدرجه المتقدمه من ثقل الظل والاصرار علي الكذب
(كيما يتحول الكذب ربما في النهايه الي امر واقع: سيطره؟) وبحسابات تنحصر كلها في احتمال
ان يستفز هذا الاسلوب مشاعر البعض او "يجبرهم" علي تغيير مشاعرهم -بصوره
عكسيه- من غضب مفرط الي احباط وتسليم مفرط: هو مسلك غير طبيعي علي الاطلاق وغير متعارف
عليه ديموقراطيا: بل اسلوب قديم فج من اساليب الحروب النفسيه التي يستخدمها العسكر
عادة في معاركهم مع اعدائهم (ومع جنودهم): وهو نفس تكتيك الرئيس المخلوع كذلك بالمناسبه
او ما يعرف اعلاميا ب"خليهم يتسلوا": ولا يوحي الا بامر واحد فقط هو انه
انما يعتقد ان المنصب مجرد "سلم" للتهرب من الحساب او وسيله للحفاظ علي
امتيازات فئويه معينه وان ضحي في سبيل ذلك بكل كريم ونفيس وطالما ان ذلك ممكنا! وبوجه
عام وكلما استمع الانسان اليه او كلما استمع الي مبررات -ومخاوف- البعض لانتخابه
او تركه وشأنه بلا حساب اصاب بصدمه وينتابني احساس جارف –لا اعرف مصدره- ان شخص ما
يجب ان يعود الي المدرسه! من اجل هذا كانت عقوبة العزل السياسي لرموز النظام
الساقط امرا واجبا وضروريا: والحكمه من العزل السياسي ليست مجرد اقصاء اشخاص او
اعادة تأهيل غير المؤهلين وانما ان نمنع تسلل الفكر القديم الي العمليه السياسيه تارة
اخري: ولمن يزعمون ان العزل السياسي من شأنه اضاعة مبدأ تكافؤ الفرص او تغييب
الاراده الشعبيه (وهو خلط–وكما يبدو لاول وهله-مراوغ وغريب -بل مثير للشفقه- ولا
يخلو من مصالح واهداف اغلبها فرديه) اقول: لا تعارض اطلاقا بين الديموقراطيه وبين
عقوبة العزل السياسي: فكما ان سقف الحريه هو القانون والشرعيه الثوريه فان سقف
الديموقراطيه هو اهداف واستحقاقات ومبادئ الثوره (ومن بينها العدل): وليس من العدل
اطلاقا-بل ليس من المتصور- ان نسمح للساده الافاضل الذين قامت الثوره ضدهم بالترشح
لمنصب الرئاسه وفي اول انتخابات بعد الثوره–كتفا الي كتف-الي جوار الثوار: فتكون
النتيجه مثلا ان يظل الثائر المناضل المخلص المتعلم الذي بادر وجازف بحياته واصر
علي اسقاط النظام مجهولا في خيمة اعتصامه بميادين النضال فيما يصبح خصمه علي بعد خطوات
قليله من قصر الرئاسه (لمجرد انه قريب من شاشات التلفزيون او منابر المساجد او
مخازن السلاح او خزائن البنوك): واذا كان عصرنا الراهن قد تجاوز العقوبات القديمه
التي كانت تحصد رؤوس الطغاه تحت شفرات المقاصل الي قيم حقوق الانسان (تلك التي
تغافل عنها طغاة اليوم) فلا اظن ان من حق طغاه اليوم ان يطلبوا من الثوره والثوار–والشعب-
اكثر من ذلك: فالمسافه بين العدل والعفو بعيدة جدا في حالة خيانة الامانه وسفك
الدماء ونهب ثروات الشعوب: والعدل قد لا يكون كل شئ في الحياه ولكن بدونه لا يكون نظام
ولا تكون حياه: وكما لا يمكن لاحد-وكما اثبت العلم الحديث- ان يعود بالزمن الي
الوراء- فان اقل ما يمكن ان نقدمه للشعب الصبور ان نحصنه من خطر رده جديده الي عصور
الاستبداد (خصوصا في حالة اذا ما كان زمان الاستبداد قد امتد قرونا طويله: وفي
وجود غالبيه سكانيه لا تملك بعد-ومع كل الحب الذي يسمح لي به قول الحق- سوي درجة
منخفضه من النضج الاجتماعي والوعي السياسي والتاريخي بل يبدو ان هناك مشكله ايضا
فيما يتعلق بنبذ الفساد -واللامبالاه- علي مستوي المواطن العادي): وبنفس القدر اقل
ما يمكن ان نمنحه للثوار هو ان نستمر في دعمهم ونضمن لهم دورا بارزا ومتميزا في
العمليه السياسيه(ولعلي بحاجه الي ان اذكر البعض هنا ان الشرعيه الثوريه نشأت
اساسا باراده شعبيه وبمجرد ان بادر الثوار بالثوره وايدهم الشعب وبذلك لا مفر منها
الي ان تنتقل البلاد بالكامل الي الديموقراطيه: اما الانتخابات -حتي في حالة
نزاهتها- فهي ليست بالضبط الديموقراطيه وبذلك فهي ليست بديلا عن الشرعيه الثوريه):
وعلي اية حال انا من الذين يرون ان التحدي الاكبر والنضال الحقيقي سوف يبدأ بعد الانتخابات
(ان لم يتم الغائها واعادتها او تشكيل مجلس رئاسي كما يطالب الميدان): كما اري ان مهمة
الرئيس-او المجلس الرئاسي- في حالة اذا ما استمر الهيكل الاساسي للدوله رئاسيا- لا
تقتصر في واقع الامر علي الامن والاقتصاد ومحاكمة الفلول (او رد الجميل لكل من
ساعدوا هذا او ذاك في رحله صعوده من الساعين للحصول علي مناصب وامتيازات) ولكنها تتمثل
في خطه عمل جاده معلنه-ومتفق عليها- يكون للثوار دور بارز فيها ويراعي فيها اولويات
الدوله الاستراتيجيه واهداف-ومبادئ-واخلاق الثوره ويتعاون في تنفيذها كافة اطياف الشعب:
ولا يخفي ان اولي مهام هذه الخطة هي وضع حد للفوضي المستمره في اجهزة الدوله
(والتي بلا شك تفشل حياة المواطن العادي وترهقه بلا حدود) بتطهير المؤسسات واصلاح
القانون واعادة بناء–وهيكلة- تلك المؤسسات-ناهيك عن النسيج الاجتماعي والثقافي
نفسه- ليتناسب مع الاسس الديموقراطيه العلميه الحديثه: ورأيي ان خطه كهذه لا تقل
اهميه عن الدستور اذ انه لن تجني مصر ثمار ثورتها ابدا الا بمثل هذه الخطه: ومن
هنا يبرز السؤال: الي متي سنسمح للعسكر وائمة المساجد التلاعب بنا وصب جهالتهم علي
رأٍس كل محاوله جاده جريئه لبناء مصر وفي تلك اللحظه التاريخيه التي تؤسس لكل ما
هو ات؟ الي متي سنسمح لهم بطرد الكفاءات الحقيقيه من العمليه السياسيه والاقتصاديه
من الساسه والثوار والمفكرين بل والناخبين العاقلين؟ لذا اعتقد انه من المهم جدا
ان تتوحد صفوف الثوار التقدميين والسياسيين الداعمين لهم والي اخر رمق تحت راية واحده
هي راية العلم والعمل والحريه وبتركيز وتأهب وتسامي فوق المصالح الذاتيه واقرب ما
يكون الي المواطن العادي علي طريق انتزاع ارث الرجعيه الفاسد من القلوب والعقول وصنع
التغيير السياسي والاجتماعي المطلوب: ولن اسأم من التذكير ان المستقبل هو مستقبل الثوره
والديموقراطيه حيث لا مكان فيه للدكتاتوريات والايدولوجيات الرجعيه: وقد تبدو مثل
هذه التنبؤات او التوقعات متفائله الي حد كبير بالنسبه للبعض خصوصا في الوقت
الحاضر في ظل محاولات اختطاف الثوره او صدها او تغيير مسارها ولكني في واقع الامر
افكر فيها اكثر بصفتها معادله حسابيه: وعلي اية حال فان القراءه الصادقه الدقيقه المتأنيه
للمستقبل هي افضل ما يمكن ان يقدمه الانسان لجيل ثورة الياسمين المجيده من الشباب الحر
الواعي الباحث عن موقع كريم له بين بلدان العالم
القياده: ان تخرج خلف رجل مخرف مخبول لنفي او اثبات ان السيده والدته
-احم-مصريه (وليست امريكيه) ثم ارداف ذلك-وكأن له صله- بما يسمي "تطبيق
الشريعه الاسلاميه"! وانه لشئ مثير للسخريه حقا ان نكتشف ان اكثر من يدافع عن
الاستقلال السياسي ويشهر اسلحته في وجه الغرب واسرائيل: له اخت او ام او ابن او
ابنه من حملة جوازات السفر الزرقاء: كما لو ان هناك تناقض ما بين الاستقلال
السياسي والتعاون الدولي: او كما لو أن الانسان لا يمكنه ان يكون مستقلا ومنفتحا في
نفس الوقت: ومن يتحدث عن القياده وان هذه الثوره
بلا قياده اقول: الخطأ خطأك! غير مفاهيمك: اخرج من قوقعتك واعد ترتيب افكارك فانت تعيش
عصر جديد يحمل افكار ومفاهيم مختلفه: لقد انقضي زمن اوثان البشر وشرانق
الايدولوجيات واهازيج الفداء للقائد الفرد (تلك التي طالما انشدوها قديما مع
الفاشيه الناصريه والرئيس المخلوع ومازالوا يرددونها مع البعض الي اليوم وكأنها
اضمن طريقه لانجاز عمل ما او مظهر من مظاهر الديموقراطيه!) وبرز-علي الجانب الاخر-
دور اشمل واعم للقياده هو العمل الجماعي وروح الفريق من خلال تنوع فكري وثقافي وتعدديه
سياسيه والتنسيق الدائب بين القيادات الفرعيه (علي الرغم من اختلافاتها) علي طريق
صنع مزيد من القاده (وليس قائد واحد): ومن اجل هدف اسمي واعز هو الصالح العام والمستقبل
المراد: وكما قال القائل: انهم–اي الشباب- لا يحتاجون الي وصايا فقد سمعوها جميعا:
ولا يحتاجون الي قاده-فسوف يصنعون قادتهم- ولكن شيئا واحد يحتاجون اليه حقا وهو
عقل وضمير يقظان لا يفتران: والارجح ان قله قليله فقط من السياسيين والمفكرين–الي
جانب الثوار- هم الذين ظلوا-طوال الوقت- عند مستوي الحدث فاستوعبوا اللحظه
التاريخيه الفاصله واتعظوا بالدروس (وربما ابرز تلك الدروس او ان شئت قلت المعجزات
ذلك السقوط المهين المفاجئ للرئيس المخلوع وغيره من طغاة المنطقه) واكثر من ذلك
ادركوا المفهوم الحقيقي لمصطلحات طالما غابت عن حياتنا مثل الثوره والديموقراطيه
والتضحيات التي يجب ان يبذلها الوطني المخلص: وان تأخروا قليلا في ربط المثاليات
بالواقعيات ربطا منطقيا منظما مركزا فعذرهم انهم يشاركون -لاول مره–ومنذ عقود-في
عمل سياسي جاد (ناهيك عن ثوره) وعذرهم ايضا انهم مازالوا صامدون واقوياء ولديهم من
الشجاعه وطهر المقصد ورباطة الجأش ما يجعلهم ينتفضون بنفس القوه -في كل مره–وبعد
مرور عام ونيف-في وجه اليأس والسلبيه بلا شح او تقتير: فهناك قسم من الشعب ما بين
متردد–او غير مستعد اطلاقا- لمواجهة التحديات وتقديم التضحيات: وبالطبع هناك من
يتحمل مسئولية هذا العجز عن الفهم-والاحساس-اكثر من غيره: ومن هنا اصبح من الواجب اليوم
علي الغالبيه "الصامته" ان تنتبه الي دورها الهام -والحاسم- والوطني للحفاظ
علي الثوره وارساء دولة القانون وان عليها ان تدرك ان الثوره ليست لعبه او نزهه
وانه ما من ثوره بدون تحديات وتضحيات واستحقاقات ومحاسبات جاده واننا بحاجه الي
مزيد من الوقت – وعزيمه - حتي ينقشع الضباب وتصفو السماء وتنضج الثمار: بالضبط كما
انه ما من جنه بدون حرث وزرع وحصاد