اذن كان الادباء والشعراء علي حق: بدون كرامه بدون حريه بدون غضب وارادة لن نستطيع صنع الحياه. لقد ذكرتني ثورة الشعب التونسي المجيده الطاهره: ثورة الياسمين بان للحريه والديموقراطيه في بلادنا ارث عريق من الاغاني والاناشيد (وليس "انياب" فقط): كما ان للحب اناشيد و للكرامه اناشيد وللعمل والمسئوليه اناشيد وللامل اناشيد وللسعاده اناشيد وللغضب اناشيد وللاسره اناشيد و للمجتمع اناشيد وللاعياد اناشيد كما الانهار والبحار والاشجار والطيور والزهور والاماكن وغروب الشمس وشروقها وتعاقب الفصول فكلها اشياء تذوقها انسان القرن العشرين وغني لها بكل اللغات وباللغة العربيه الجميله علي وجه الخصوص.
ولطالما عرفنا تلك الاناشيد واحببناها اطفالا وحفظناها في المدارس عن ظهر قلب ورددناها طواعيه –أو علي وقع "الخرزانه"- علي امل اننا في وقت ما سنكبر وسننطلق كأرواح طاهره متفجره بروح أمل كونيه: هي روح استطاع أن يقول عنها دانتي في عصر النهضه قبل ما يزيد عن 400 عام: "ان بلادي هي العالم كله!". غير اننا سقطنا –للاسف– من بعدعلو وارتفاع – وبفعل فاعل- في مصيدة واقع من حديد: هو عالم مخاصم لكل ما هو جميل ونبيل واصيل: معادي لكل قيمه وذاكره شريفه: عالم فاسد ليس "وطني" ولا "ديموقراطي": لننسي بذلك الاناشيد ونتذكر فقط كل ما لاقيناه في هذا العالم -في سبيل حفظها- من الم وعذاب.
وعذرنا اننا لم نكن نعرف كل ما كان يحاك ضدنا في الخفاء طرف اناس "مؤتمنون" و"مسئولون" علي الارجح عن رقي المجتمع وتقدمه قبل ان يكونوا "مسئولين" عن امنه واستقراره (واستقرارهم؟). وهنا ينبعث سؤال: هل يستطيع الانسان ان يعلم نفسه قيم الكرامه والحريه فيما يعيش في واقع يبذل قادة رأيه كل الجهد من اجل التضييق علي مدركاته لتلك القيم حتي يبلغ حاله يكون فيها تقديره لتلك القيم - وللطبيعه الانسانيه نفسها - قد تلاشي نهائيا ؟
علي ان استمرارنا في قبول هذا السقوط المخزي والعيش في ظله –في رأيي- لا يكفي عذرا: وانما هو الجبن بعينه ولا يمكن ان يقود مثل هذا الجبن الي الكرامه والحريه. اذ ان الفطره البشريه السويه تلزم الانسان بان يفعل كل ما في وسعه القيام به لان يقوم من بعد سقوط و يواجه الفوضي (المتمثله في هذه الحاله في ذلك الكابوس المفزع من البلاده والركاكه والسوقيه والسطحيه والتخلف والجهل الذي عشنا في رحابه–و بشكل شبه متعمد- طوال ال 30 عاما الاخيره): ومن ثم يحصل الانسان علي "نظامه" الحقيقي بعد الفوضي: وهذا ما نحن بصدد ان نتعلمه في الفتره القادمه من ثورة الياسمين المجيده ان لم نكن قد تعلمناه من قانون الطبيعه نفسه.
فالانسان يفقد الكثير بل قد يفقد كل شئ حين يرفض ان يواجه الشر والموت لحساب التكيف. ذلك ان هدف الاستبداد الاساسي ومغزي سياساته المشبوهه هو ان يركن الانسان دوما الي حياة الجسد (حياة المال والاقتصاد) وبذلك يبقي قرين العوز والجبن والحاجه والركود والغش والكذب والنفاق والكبت والبخل واليأس والسخره والذاتيه والحرمان والتخلي واللا مبالاه: قيم الفراغ. وبذلك فان اولئك الذين يرفضون ان يميزوا قوي الحياه -و يركنوا الي قوي الفراغ والاستبداد - ليسوا الا اموات: ذلك ان هدف استقلال الانسان وسلامه مع نفسه -ومع المجتمع- لا يتحقق الا باختبار الاراده.
ولذلك فلا سلام الا في وجود حاله دائمه من النضال ضد قوي الفراغ والاستبداد مصدري حالة الخمول والخمود والبلاده (وهي حاله هشه للغايه ازعم انها في عمومها لا تستطيع ان تحقق نجاح مالم تتنازل قوي الحياه –لصالحها –طواعية-عن جزء من محيط المكان). ولذا يخيل لي اننا نزداد "حيويه" و"فاعليه حياتيه" كلما واصلنا الدفاع عن حقنا في الحياه: اي كلما تحدينا الموت!
وسواء شئنا او ابينا ستظل الحياه في حالة صراع دائم مع الموت والشر والفراغ (الذي هو في الحقيقه جزء لا يتجزأ من الحياه نفسها!). وسواء شئنا او ابينا نحن متورطون في هذه المعركه بحكم وجودنا في خضمها وتسري علينا قوانينها. وبذلك فاننا اذا ما رفضنا-لسبب او لاخر- المشاركه في تلك المعركه ستجبرنا الحياه علي المشاركه فيها رغما عنا أو سيقضي علينا الموت فيما تعود كتائب الحياه مع اخرين من اجيال لاحقه–وبشكل اكثر كثافه– ربما في صورة ثوره او معركه عسكريه أو كارثه طبيعيه– لتهاجم –بشراسه- قوي الموت والشر والفراغ وتعمل علي اخضاعها وطردها وتطهير المكان منها وبالتالي انهاء كل ذكري لنا معها نحن الاجيال المستكينه الغابره التي رفضت القتال لصالح اجيال اخري قامت بذلك نيابة عنها: وهذا هو قانون الطبيعه.
ولا يملك احد تفسير عقلي بحت –علي الاقل الي اليوم- لماذا تتغلب قوي الخير والحياه -دائما–وبشكل يكاد يكون متواصل- علي قوي الموت والشر والفراغ (قوي الاستبداد) أو لماذا اذا اوشك عبق الحياة ان يندثر سرعان ما يعود مرة اخري –مع اجيال جديده- تصونه وتنتصر له ولنفسها ولغيرها من الاجيال. ربما يكون نفس السبب الذي يدفع الانسان احيانا–خصوصا اذا كان ثريا بما يكفي- الي ان يتخلص من "الكراكيب" التي طالما احتفظ بها –بوعي او بدون وعي- من اجل سلام البيت ونظامه ونظافته واكثر من ذلك يقوم بتعطير المكان برائحه طيبه (كرائحة "الياسمين" مثلا ؟) ليعوض الفراغ الذي خلفته "الكراكيب" وما تبع ذلك من روائح عطنه كريهه.
اذ ان المؤكد ان لا احد يستطيع ان يتخلص من "الكراكيب" والروائح العطنه الكريهه بمجرد عدم النظر اليها مثلا كما ان طول النظر اليها لن يحولها الي اشياء للتبرك أو تحفا اذ يعلم الانسان -واغلب القوارض- ان الكراكيب لا يمكن ان تصبح اشياء للتبرك أو تحفا لمجرد انها حازت علي اعجاب البعض وتقديرهم في وقت سابق كما انها مهما طال زمان تخزينها وسواء كان مكان التخزين هذا مخزن بارد في بدروم بيت أو غرفه مكيفه في قصر رئاسي في احد الاحياء الراقيه فان "الكراكيب"–ربما لانها كراكيب- لن تتطوع بالرحيل من نفسها بل ستمكث و"تبلط" في مكوثها وكأن الامر لا يخصها حتي تجد من "البشر" من يتطوع بتحريكها وتخليص المكان منها ومن روائحها.
باختصار: اما ان نفسح المكان لروائح "الياسمين" أو روائح "الكراكيب" فلا ضمان لما هو وراء ذلك من خلطات تلاقي التضاد تلك التي دأبنا علي طرحها اذ ليس هناك ثمة "كوكتيل" مثلا بين الروائح الطيبه والروائح العطنه او بين قيم الخير والحياه و قيم الموت والشر والفراغ.
وقد يكون طريفا ان نلاحظ انه حالما يحس الانسان انه بصدد شعور ايجابي ما نحو التعقل والرزانه تصبح مشاعره واحكامه (وبالتالي حياته) بصوره اوتوماتيكيه مأخوذه بالكامل -بل وشبه مسكونه- بكل ما من شأنه اختراع هذا "الكوكتيل" (واعتبار "الكراكيب" تحفا أو اشياء للتبرك) فيصل الي نتائج مثل "الحياد الايجابي" و"عدم الانحياز" و "امسك العصا من المنتصف" و "مؤتمر دولي للارهاب–والسلام-والفراخ- الخ" بصفتها حلولا للمشكله (بناءا علي نصيحة احد اجلاف المدينه من السكيرين غالبا) بينما هي في الحقيقه شعارات تعكس كوكتيل تلاقي التضاد. واختلاف الاقوال عن الافعال ما هو الا مثال يضربه لنا الواقع "الكوكتيل" نفسه عن نفسه. ولعل السبب المباشر هو الا يعود في استطاعة احد ان يميز بين الخير والشر او يدرك المعني الحقيقي لما يقال (باعتبار ما يقوله اهل العبقريه من اعضاء حكومة الحزب الوطني -وان كان غامضا ومبهم وغير مفهوم في احيان كثيره ولا يعكس الواقع- هو دائما صواب وهو دائما علامة تفرد ونبوغ وبذلك فان الابهام والطلاسم تكون غالبا–حسب تفسيرهم- نتيجة عجز الشعب عن الفهم وليس بسبب فكر خاص بصاحبه ناجم عن مفردات غير واضحة المعالم او غير صائبه في جملتها او بسبب عدم وجود فكر من اساسه يستحق عناء الاصغاء بل مجرد مسكنات لتلطيف الواقع فيبقي الحال كما هو وكما يروق لهم وحسب مصالحهم) وهكذا ينجح الكوكتيل الغامض–مؤقتا- في ان يدفع بالوضع الي الاستقرار (طالما ان هناك دائما شئ اخر في الموضوع!). ولعل اقرب مثال لذلك هو ان نري صاحب مثل هذا الفكر يدعو الي اشياء مثل "دوله مدنيه" و"حقوق مواطنه" و"حقوق انسان" (كبديل ربما عن الديموقراطيه ؟) بينما هو يكرس في الواقع لدولة امن وحمايه عسكريه بكل ما يتبع ذلك من انتهاكات تظهر نواياها واضحه في مقولات مثل "حقوق الانسان لا تعلو علي حقوق الامن والحمايه" (ويعلم الله ماذا يعني هذا سياسيا وقانونيا ودستوريا: الي هذا الحد يحتاج المرء الي محامي او الي محو اميه سياسيه ليفهم الجديد من المصطلحات!) ولكنه رغم ذلك يجد في هذا جوابا علي سؤاله الخاص مشكلته الكونيه: ارضاء غروره (بالبقاء في الحكم طبعا لاستكمال تمثيلية الظهور بمظهر العاقل الرزين واعادة الامور الي صالحه ولو حاول خداع اهله اكثر الناس معرفة به). ومع ذلك قد يستمر معه هذا "الكوكتيل" وقد يعتبره نموذجا ينبغي ان يقتدي به الاخرون حرفيا لمجرد ان له علاقه بفكره ما طرأت علي ذهنه وهو يتحدث مع زوجته عن عصر أو جيل او شئ ما احبه: مهما اخفي هذا "الكوكتيل" من اخطاء ونواقص -بل ومصائب فكريه- ومهما كانت الافكار الاخري ممنوعه ومحجوبه ومطارده ومحاصره ومهما كانت الفتره التي يعيشها بطلنا هذا قصيره. فهو يريد ان يبدو اصيلا وعاقلا (بمعني "رتيب") في اسرع وقت ومهما كلفه الامر حتي علي حساب عصر وفكر جيل جديد. وهكذا تنتهي القصه بدوامه من دوامات "بوسيدن" الخياليه هي دوامة كل "الكراكيب" الفكريه التي اصر علي الاحتفاظ بها والمنتقاه حرفيا من فكر كل عصر تقريبا والتي لا يجد الانسان فيها لنفسه الا مزيد من الحيره والغموض وخسران الذات. وقد لا يبلغ ابدا نهاية الاسطوره اذ غالبا ما تنتهي به حيرته الي التحيز و الطيش اللذان طالما فر منهما او الي رفض -او قبول- كل شئ علي طول الخط! وهكذا يجد نفسه بارادته بعيدا كل البعد عن العالم العاقل الرزين كما لو كانت حياته كلها جنونا عابرا عاشها كشبح وسط الفوضي التي صنعها والتي كان يسميها نظاما. مما يخيب امل المتابع الذي كان ادعاء التعقل والرزانه قد خدعه تماما وشتت انتباهه.
حسنا! اعتقد ان اغلبنا مر بهذا -بصوره او باخري- سواء انقطع هذا الفكر "الكوكتيل" عند نقطة ما أو تواصل واستمر. فلا يخفي ان المذهب العام للناس هذه الايام هو ان يصنع كل جيل مسخا أو صوره طبق الاصل قدر الامكان من جيله في الاجيال التي تليه ليري نفسه فيها ربما ويتمم بذلك –حسب رأيه- انتقال حالة توريث القيم تلك التي يتزامن معها غالبا توريث كل شئ بما في ذلك ما لا يملكه الانسان (كالمنصب مثلا) كيما يستمر النهر علي جريانه! وهو بالمناسبه مذهب معروف في مجتمعات اخري ايضا وقديم قدم ظهور الانسان علي سطح الكره الارضيه مارسه الانسان في عصور العبوديه والوثنيات القديمه كما يمارسه اليوم في رحاب الاديان السماويه وفي رحاب العلوم والتكنولوجيا. (ونصيحتي: لا تقبل بسلوك او فكر لمجرد انه موجود في مكان ما علي سطح الارض او لانه ميراث ادخره لك ابوك! فان لم تضمن الاجيال القديمه حتمية استقلال –قبل استقرار- الاجيال الجديده فان النتيجه الحتميه هي التخلف والركود والانهيار وهكذا اصبح استكمال النضال من اجل التغيير و الاستقلال –اي من اجل الاستقرار الحقيقي- واجب لا مفر منه)
ولذلك فقد يكون السؤال هو: ما الذي يحتاجه الشعب المصري اليوم في تلك اللحظه التاريخيه الفارقه– وما هو الشئ الاكثر الحاحا: الخوف ام الحريه؟ الامن ام الكرامه؟ الجهل ام المعرفه؟ الفاعليه ام الخمول؟ المجتمع ام الفرد؟ الديموقراطيه ام الاستبداد؟ الرجعيه ام التقدم؟ المسئوليه ام اللا مبالاه؟ الحياة ام الفراغ؟ فاذا كانت الاجابه هي الخوف والجهل والرجعيه والخمول والاستبداد واللا مبالاه والاسراف علي الملذات وعبادة الفرد (عناصر الموت والفراغ) فهي عناصر موجوده بالفعل في حياتنا وبكثره ولها سوق رائجه طرف كراكيب الحزب الوطني الحاكم وعشش فراخ الرجعيه الجاهليه ونعرف نتائج وجودها. واذا كانت الاجابه هي الحياه بكل ما تعنيه هذه الكلمه من حريه وكرامه ومعرفه وديموقراطيه وفاعليه حياتيه وتقدم فلقد علمنا الشعب التونسي الكريم –ومرة اخري قانون الطبيعه– ان قوي الحياه وقيمها لابد وان تنتصر في النهايه وان الامن صنيعة الشعوب وجد اساسا من اجل حماية حقوق الانسان وحرياته من المجرمين والنصابين والافاقين وليس من اجل حماية حاكم من الشعب أو حماية الشعب من حقه في اختيار الحياه التي تناسبه. وهكذا لابد من عوده دائمه –وبصوره شبه مستمره- لقيم النضال والا توقفت الحياه وخمدت وخمدنا معها –ولعنتنا الاجيال القادمه- دون ان ترحم شيخوختنا.
ولذلك فليس السؤال ابدا في رأيي: اي "الكراكيب" أو "عشش الفراخ" خير وانفع (أو اقل ضررا وأكثر استقرارا أو أكثر احتراما لحرية الكلام): وبالتالي ليس السؤال: اي القيم الجميله الاصيله تستحق مكانا لها وسط الكراكيب وعشش الفراخ وايها يمكن استبعادها. كما ان السؤال ليس كما ذهب البعض (كما لو كان قد دخل دوامة بوسيدن فعلا): هل يشبه هذا الشعب-او هذا النظام- ذاك ام لا (فيستحق بذلك استخلاص العبر واعتبار التجربه) أو هل هذا الشعب مؤهلا -أو جاهزا- لان يثور وليسترد حياته وكرامته وحريته؟ (وهل هناك شك؟ وما هي نوع المؤهلات ؟ ومن المسئول عن عدم توافرها؟ اذ يخيل لي ان المشكله معكوسه تماما: فهناك شعب تجاوز بامتياز القدرات العقليه والنفسيه والذهنيه والخلقيه والثقافيه "للنظام" الذي يحكمه وتفوق عليها وهو اكثر شعوب الشرق الاوسط حاجه للتغيير والتحرر والنهوض كما ان هناك –علي الجانب الاخر- "نظام" متصلب يخلط بين التصلب و الرصانه ذاهل الفكر تماما عن مصلحة الوطن اشبه بمخمور لا يفيق من الشراب لم يكن مؤهلا في اي وقت لان يكون "نظاما" وهو اب روحي لكل "انظمة" وشرور المنطقه ينخر فيه السوس وتقوم ضده حاله من الفوضي بعد ان تغير العصر وتخلي عنه حلفاء الخارج وتركوه ليواجه مصيره المحتوم: غير انه –ويالا العجب- غير عابئ رغم ذلك بخطورة اللحظه التاريخيه التي تمر بها مصر والمنطقه وهكذا نراه سادرا في غيه ثابتا علي عناده يدعي الحكمه والوقار والاستقرار (استقرار من بالضبط؟) و يواجه الناس بما يعلم انه ليس حقيقيا مدعيا حماية مصر من الفتن الداخليه والتطرف والارهاب بل ومدعيا الشعبيه وهو ليس مهتما في الحقيقه بأي من ذلك (طالما انه يستبعد نفسه تلقائيا من كل دور من شأنه اصلاح وتنمية البلاد ويلقي بواجباته علي اكتاف الشعب): فالمهم انه ما زال موجودا و "بصحته" و"مسنودا" (بحقوق الامن والحمايه؟) اي انه تعامل مع الموضوع برمته بمحمل شخصي بحت متبعا في ذلك طريقته الازليه المعروفه: خوف و"حنس" واكسب الوقت وانشر الاكاذيب واقلب الحقائق رغم كل الانتهاكات من اجل ان تفل ارادة معارضيك وينقلب الوضع لصالحك ويستقر النظام!": وبذلك لا يملك المتابع الا ان يشيح بوجهه وهو يعلم ان الفوضي والكراكيب وعشش الفراخ هي التي ستستقر مع كل ما تردده الحكومه من تعاويذ سحريه مثل "عودوا الي منازلكم" و "عدم الاستقواء بالخارج" و"الشأن الداخلي" و"الامن القومي" و"المصلحة الوطنيه" ومستقبل الاجيال (اي اجيال؟ ربما المقصود هؤلاء الذين تسحقهم عربات الشرطه والاطفاء تحت اطاراتها؟ او يطلق عليهم البلطجيه -والخيول والجمال –الشرطه سابقا- بالقنابل الحارقه و الطوب والاسلحه البيضاء والناريه علي السواء؟) ليخفي بذلك هذا "النظام" المتداعي المنبوذ ما لم يتمكن من فعله طوال ال 30 سنه الماضيه في سبيل رقي المجتمع ونهضته وما ورط الشعب فيه –علي الجانب الاخر- من تخلف وفوضي وتخويف ورجعيه وفرقه علي طريقة "فرق تسد" الميكيافيليه الشهيره بدعوي "استقرار" قد يقتضي ان نواجه من اجله مصيبة وجود حقيقيه اذا ما استمر!).
وبالتأكيد ليس السؤال كما ذهب البعض وساروا في هذا الجدل ( الجهل؟) الي نهايته -في لحظه من لحظات العبث اللا متناهي- التي قد لا تخلو احيانا من مفارقه أو سخريه لاذعه لا تضحك احدا في الحقيقه لخلوها من اي مغزي: هل الموت في سبيل الحريه والكرامه والعداله والمساواه حراما أم حلالا - انتحارا ام شهاده؟! (وما حكم موت الفاسد ذو المنصب علي كرسي منصبه مثلا في ظل نظام بيروقراطي مركزي فاسد بامتياز قائم علي ازدواجية المال و السلطه اي قائم علي استبعاد مبدأ العداله الاجتماعيه تماما من حساباته: هل هو شهيد المنصب مثلا؟ ما حكم الدين في هؤلاء الطواغيت الفاسدين الكاذبين محتكري الاسواق مزوري ارادة الشعب؟ ولماذا لا يتحدث احد عنهم فيما يتحدث الكل عن المسكين الذي فقد رباطة جأشه في لحظه يأس–اثر ظلم وقع عليه- واشعل النار في جسده اعرابا عن معارضته للظلم حتي الموت: من الضحيه ؟ من القاضي ؟ من الشهيد ؟)
غير ان الشئ المربك حقا–المحير-في رأيي- الي اقصي حد- الموحي بالحاح لما الم بنا من انحدار الي مجاهل مظلمه -قد لا تكون شرا في رأي البعض- وانما علامه من علامات التفوق الذهني والمفهوميه (الكوكتيل؟) والقدره علي التحليل-ان يحاول البعض تفسير سلوك من اقدم علي اشعال النار في جسده (جراء ظلم وقع عليه) بانه -كما قيل- من اجل "لفت الانظار" أو "حب الظهور والشهره" أو بدافع التقليد (موضه يعني) وليس بغرض –احم- الموت! وهو ما يقود عادة الي اسئله هي بشكلها هذا –في رأيي- تعني المشاركه في حوار سكاري منه الي حديث الواعي الفطن مثل: هل اشعل النار في جسده بجد يعني أم هزار؟! وكيف نفسر ان اغلب من نجحوا في اشعال انفسهم من المصريين –وهم خمسه الي الان حسب التقارير الرسميه- انهم لم يشتعلوا اشتعالا كاملا مثل "الشهيد" بوعزيزي وانما اشتعال طفيف مؤقت لا تتجاوز نسبة حروقه ال 5 %؟!
وهكذا يمكننا تصور الامر علي هذا النحو: كل سؤال يحمل السؤال الذي يليه في جوفه فترة من الوقت -قد تطول أو تقصر- حسب الظروف- فاذا جاء موعد المخاض يخرج علينا احد "الحكماء" (السكاري؟) من تلامذة "فرويد" من المصابين بلوثه عقليه غالبا نتيجة تعرضهم لما لم يتمكنوا من تحمله من امراض عضال لاناس يعالجونهم علي الارجح (او نتيجة تعرضهم لفرويد نفسه!) او احد "الكهان" من "المشاهير" الذين يتقاضون راتب شهري نظير ما يضفونه علي الفرعون من صيت ومجد تليد أو فتوي (اثر هاتف في المنام ربما وان لم يتمكن صاحب الهاتف احيانا من اظهار الرقم ربما لخطورة و"حيثية" المتصل) أو احد الوزراء من كبار القوم "ذوي الميول" الفنيه "الثكافيه" ليطرح كل منهم اجابات وهكذا يتشكل الفكر المتخلف الرجعي-أو العصري- كما يتشكل الجنين في بطن امه- ويبدأ في النمو وفق عوامل كيميائيه وفيزيائيه مرتبطه غالبا بالمزيد من الاسئله المتخلفه الرجعيه -أو العصريه- واجاباتها ونوع المشروب! فيستحوذ المخلوق العجيب الوليد علي عقول وقلوب الاجيال الجديده البريئه الطاهره -الذين لا ذنب لهم سوي انهم جبلوا علي تصديق تلك الهيئه العقليه من المتحدثين -الشاهده علي قدرة الله- التي لا تناسب بين تركيباتها ولا انسجام- ويرسخ بذلك المخلوق المشوه البشع في ذاكرة المكان وسلوك الكائنات.
ولكن مره اخري: ما الذي يحتاجه الشعب المصري اليوم في تلك اللحظه التاريخيه الفارقه– وما هو الشئ الاكثر الحاحا ؟
ومع ذلك فان ترف الاختيار بين الانواع المختلفه من الاسئله او بين فكر الماضي وما ينبغي للحاضر والمستقبل قد لا يتاح الا لمن يجدون القدر الكافي فقط من المبالاه فغالبا ما يجد الانسان من يقول له: حقا؟ وماذا يعني هذا؟ فليكن: فليحدث: دعه وشأنه: اعطه فرصه اخري: دعه يستمر: دعه يكمل (ولو علي جثثنا)!
ولعل هاملت شكسبير هو أقرب مثال للتعبير عن حالة الصراع الفكري –صراع الاجيال- ذاك في الادب الانجليزي القديم. اذ ان هاملت تعالج تطور نفسية ذلك الامير شبه الاسير في قصره مع اهله المستبدين المجانين الذين جننوه –اذا صح التعبير- وادراكه بان الانتقام–خصوصا من الاجيال السابقه- لا يعتبر من الحوادث البسيطه النادره كما تصور في البدايه يحدث فقط في زمن "العين بالعين والسن بالسن..." وانما هو –وكما صار يشعر بالحاح- حل وان كان حل "قاسي" بعض الشئ و"غير مرضي" للبعض الا انه الحل الوحيد لمشاكله مع نفسه واهله والمجتمع ككل.
فالاجيال الجديده ليسوا في حاجه –في رأيي- لمن يطعمهم ويزفهم الي بيت الزوجيه كما يزف الدجاج الي عششهم -اذا صح التعبير- بقدر ما هم بحاجه لمن يحررهم ويشعرهم بالامان (الامان المادي والروحي والعقلي معا) ثم يدعهم يقفزون متوثبين في وجه العالم ليعلنوا عن أنفسهم وعن الهويه العصريه الجديده التي اتخذوها لانفسهم وبانفسهم: وأكثر من ذلك في حاجه لمن يتركهم يدرسون –بحريه- اختياراتهم في الحياه و يعيدوا تقييم تجارب الاجيال السابقه وترتيب وتصنيف اعدائهم واصدقائهم –أو اولئك الذين طالما صنفتهم الاجيال السابقه اصدقاء واعداء- بناءا علي تلك الهويه الجديده. فيكونوا بذلك مسئولين-علي الاقل- عما اختاروه لانفسهم من مواقف دون ان يضطروا الي مواجهة وجوديه من نوع ما مع ابناء "ليليس" الاشرار مثلا اولئك الذين يجوبون العالم فسادا واغواءا وسحرا للبشر (واسماك القرش؟) كما تقول الاسطوره بينما هم في الحقيقه –عكس ما قال الاباء- مجرد بشر من ابناء حواء: ليسوا ملائكه ولا شياطين! أو مواجهة "الحقيقه العنيده غير المصدقه" كما وصفها دكتور جونسون في رائعته "راسيلاس أمير الحبشه" وهذه نكته: فراسيلاس هذا امير–اشبه بهاملت- غير انه -بخلاف هاملت- كان يعيش في طوباويه اجتماعيه غريبه للغايه تدعي بالوادي السعيد: حيث كل شئ في هذا الوادي منضبطا تماما ومنظم الي درجة ان كل فرد من افراد المجتمع مرتبط بدور ما يعرفه مسبقا هو بالتحديد دور واحد يؤدونه جميعا علي اكمل وجه: ان يدور كل منهم حول نفسه في دوره لا نهاية لها من اللذه الحسيه الجسديه اشبه بحالة سعار! وهكذا اصبحت اللذه في عالم راسيلاس (العالم الذي اختاره له ابوه) مرادفا لكل ما هو حياتي وقرينا –في نفس الوقت- لكل ما هو وطني وطاهر وشريف أو "الحقيقه العنيده غير المصدقه": طالما انه ليس هناك من حقائق الحياه ما هو متاح غير ذلك بطبيعة الحال!
لقد شرح جونسون في راسيلاس نفس ما شرحه شكسبير في هاملت وان اختلفت الخاتمه: مشكلة "حبس" جيل كامل او عدة اجيال من أجل خدمة عالم او عصر صنعه جيل سابق يخصه وحده (حتي لو كان هذا "السجن" مثالي تماما وفقا لمعايير من صنعوه: هل يغير هذا كونه سجنا ؟): أو مشكلة الاجيال "المحشوره" بين العصور –اذا جاز التعبير- مع كل ما يملكونه من عقول وقلوب عظيمه و فعاليه حياتيه قادره علي ابداع عصر جديد ومتميز ومتطور بيد انهم ليسوا قادرين–رغم ذلك- علي مواجة الواقع (واقع الاباء) او حتي الخروج بعصر ما "وسطا" يجمع ما بين التضاد لتهدأة الموقف! فالذين من المفترض ان يفسحوا لهم الطريق مشغولون غالبا ببناء "سدود عاليه" من اوهام واكاذيب لحجب الحقائق عنهم لاخفاء عجزهم –ربما- وبالتالي اضافة عنصر جديد من عناصر اللا فائده الي منظومة الخلل الاجتماعي التي عانت بالفعل –في وجودهم- كل ما له علاقة بهم أو كل ما هو سطحي ومحبط وعديم القيمه (طالما ان الهدف من الحياه البشريه في نظرهم هو: اطلاق الشهوه أم تعطيلها ؟ وليس أن يعيش الانسان حيا وحرا وفاعلا)
وفي جملة واحده يلخص دكتور جونسون المشكله قائلا علي لسان راسيلاس: "يلوح لي دائما ان للانسان حاسه سادسه أو قابليه اخري بالاضافه الي حواسه يجب ان تطمئن وتشبع قبل ان يكون سعيدا السعاده الكامله". واذا كان هاملت قد واجه وثار وانتقم فان الامير الحبشي راسيلاس قرر التنازل عن ملكه باراده حره وهرب مع رفيق له مغادرا –بصوره نهائيه- واديه السعيد (الذي لم يكن يوما مصدر سعاده بالنسبة اليه): خرج ليصنع عالمه الشخصي الخاص المحدود في مكان اخر (أي مره اخري وفقا لما يقدره له الاخرون) فقد ادرك ادراكا نهائيا-كهاملت- انه -بما اكتسبه من قيم ومعارف وطاقه- لن ينسجم ابدا مع واقع الوادي السعيد– العالم الذي رفض كل خلق قويم وفضيله اصيله وفكره عميقه من اجل بلوغ ما سماه البعض الاستقرار أو نظرية دعه وشأنه أو "الحقيقه العنيده غير المصدقه" فأصبح راسيلاس بذلك كمكون فكري ضد كل ما يؤمن به هذا العالم علي طول الخط. راسيلاس–كهاملت- يريد ان يفعل ما هو صواب ولكنه غير قادر علي مواجهه عالم ابيه الطافح بشده بكل ما هو محسوس حتي بات عالم اللذه ذاك عالم هش باهت ميت (ربما بنفس درجة هشاشة وموات –ويالا المفارقه- وادي العذاب الذي عرفه موسي النبي) وبذلك فهو عالم في رأيه رخيص لا يستحق المواجهه (مع ضرورة التفريق طبعا بين خروج راسيلاس وخروج موسي النبي فموسي النبي الثائر اصطحب معه شعبا بأكمله وبني مجتمع فاضل جديد قادر علي مواجهة واقع الاباء والتفريق بين ثمرتي الخير والشر لذا لم يكن خروج موسي هروبا أو حتي خروجا بمعناه التقليدي الضيق وانما كان في الواقع انتقالا الي عصر جديد لم يكن بعيدا كل البعد عن الوادي المقدس نفسه الذي خرج منه أو عالم فرعون ذلك الملك الاحمق المنكوب بغروره الذي شاء له القدر ان يواجه الغرق في النهايه ويخسر جيشه حتي يكف عن المطاردة - باعتبار ان ارض كنعان كانت-جغرافيا- انذاك- جزء لا يتجزأ من مصر او الامبراطوريه التي اندحرت لتوها).
كما لو كانت الحياه مختبرا يجرب فيه الانسان تجاربه الحياتيه بناءا علي اختيارات مسبقه اختارها بالفعل -قبل ميلاده- ربما في حياة الاباء او في حياه سابقه: وهكذا فهو في رحلة هروبه الدائم تلك من الموت الذي يطارده يبذل كل الجهد ليعثر علي اجابه لسؤالين رئيسيين: ماذا ستصنع بحياتك لتجعل من واقع هذه المطارده محتملا ؟ واذا وقع المحظور ومت–وهو امر واقع بلا جدال- كيف ستساهم بموتك هذا في اسعاد جيل جديد؟
اجابة هاملت كانت واضحه: لابد حتي يصارع الزلزال العقلي الذي انتابه والمسمي احيانا "الخوف من الموت" أو "الخوف من الحياه" أو "الخوف من الانتقام" أو "الخوف من التحدي" او "الخوف من الحريه" او الخوف بشكل عام ان يستمر في تحدي ما يري انه باطل ومزيف وان يصارعه: لابد له -مهما كان الامر الذي يواجهه- الا يكف عن المواجهه فبالمواجهه فقط يمكنه ان يتغلب علي الموت (باعتبار الموت الجسدي في سبيل هذه الغايه النبيله موت شريف بل بدايه لحياه جديده): فباصرار الانسان وارادته لا يموت الانسان بل ينال (كبوعزيزي) اعتراف الحياه به وبعصره وبحقه في ان يكون مستقلا وهانئا وكريما.
بكلمات اخري: ينطلق الانسان بالتحدي وراء الحدود الممنوعه –حدود الموت- والعالم الحسي المصنوع –العالم الموروث- ليكتشف الفطره الطبيعيه ويتعرف علي نفسه ومن ثم يحررها. فالانسان لن يكون موجودا الي الابد ورغم ذلك حتي يكون "حيا" لابد وان يصبح حرا (اي موجودا) ليتخلص علي الاقل من عار الفتره التي قضاها جبانا ومدجنا وفاسدا ومجنونا! فما فائدة ان يهرب الانسان من عالم ميت -أو من الموت نفسه- اذا كانت الحياه التي يتمسك بها هي الجنون بعينه: اذا كانت الحياه لن تتحقق ابدا –في اي مكان- الا بمواجهه اخري مع الموت؟
واذا كان هاملت مندفعا بعض الشئ في ثورته –حسب البعض- وطائشا في تصرفاته فان الشعب التونسي علمنا بثورة الياسمين- وخلال فتره زمنيه قصيره- العلاقه الازليه بين الحريه والمسئوليه: كما لاح لنا من خلال هذه الثوره تفحص القيم الاشد عمقا الاكثر دلاله مما كنا عليه من قبل: أو المغزي الحقيقي من هذه الحياه.
لقد كانت المجتمعات قديما -حتي تستطيع ان تفخر بنفسها -بين المجتمعات الاخري- كمجتمعات قويه قادره علي التحدي والنهوض من الكوارث -ناهيك عن هزيمة الاعداء- حريصه علي ان يتوافر لديها في مجتمعاتها تلك ثلاث انماط من البشر: 1- المتعلم المثقف العاقل حاد الذكاء 2- الخلوق الحكيم الشهم المؤمن طيب القلب 3- المخلوق الكابوسي المرعب الغريزي زير النساء: أو الاخوة كارمازوف: "ايفان" و"اليوشا" و "ميتيا" علي الترتيب. فكان لابد من "ايفان" و"اليوشا" مع "ميتيا" ليقفا معادلين له: وكان لابد من "ميتيا" كيلا يفقد المجتمع حيويته وخشونته وشراسته وحسه بحواسه وغرائزه منحة الطبيعه: ارادة البقاء.
أما اليوم فيبدو لي ان مجتمعات الشرق الاوسط في مرحلة بحث دائم شبه متصل عن اشخاص علي شاكلة "ايفان" و"اليوشا" في حين لا يبدو لي -علي الجانب الاخر- ان امامها اي حل الا بمحاولة كبح جماح "ميتيا" قليلا او ذلك المخلوق البدائي الشهواني متبلد الاحساس (الذي لم يعد خشنا وشرسا بالضروره) والذي لا يحب شئ ولكنه يحب كل شئ: الذي لا يبالي بشئ ولكنه يسخر كل شئ في خدمة غرائزه و يود–مع ذلك- ان يكون محبوبا وحكيما وعاقلا اي ان يكون "ايفان" و "اليوشا" ايضا دون ان يزاول فكر اي منهما بالضروره! وهي-بذلك- مجتمعات لا تستطيع ان تدعي في اشكالها تلك –بسبب الاستبداد- انها مجتمعات "حيه" وانما تستطيع فقط ان تقضي هذه الحياه وتذهب وخلفها ما تيسر من "القلل" مالم تعط الفرصة لاجيال اخري جديده موجوده فعلا وقادره علي المساهمه في بناء عصر جديد.
ويحضرني في هذه اللحظه -وسط عاصفه من المشاعر–وبشكل يكاد يكون ملحا- ذلك الكهل الذي ظهر أمام كاميرات التليفزيون في احد شوارع تونس الرئيسيه في اليوم التالي مباشرة لهروب الدكتاتور اذ صاح الكهل باكيا عندما رأي الكاميرات: لقد انتظرنا طويلا من أجل هذا اليوم - انظروا الي هذا الشعر الابيض لتدركوا طول فترة الانتظار - كنت اتمني ان يتم ذلك بيدي وبيد جيلي فاتخلص من عار هذا الشيب اما وقد تم فالحمد لله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق